الصحابى الذى أضاءت له عصاته

مباشر كفرالشيخ

إنه عباد بن بشر، الذى دعى له النبى صلى الله عليه وسلم بالمغفرة، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيتى، فسمع صوت عباد بن بشر، فقال: "يا عائشة صوت عباد بن بشر هذا؟" قلت: نعم، قال: "اللهم اغفر له".

ومن الكرامات التى أكرمه الله بها ما رواه ثابت عن أنس قال: كان عباد بن بشر ورجل آخر من الأنصار عند النبى صلى الله عليه وسلم يتحدثان، فى ليلة ظلماء، فخرجا من عند النبى صلى الله عليه وسلم، فأضاءت عصا عباد بن بشر حتى انتهى عباد وذهب إلى بيته، وأضاءت عصا الآخر، قال أبو عمر: الآخر أسيد بن حضير.

ومما يدل على بطولة عباد بن بشر واقعة بطولية بعد غزوة ذات الرقاع، فبعد أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من غزوة "ذات الرِّقاع" نزلوا مكاناً يبيتون فيه، واختـار الرسول للحراسة نفراً من أصحابه يتناوَبونَها وكان منهم "عمار بن ياسر" وعبَّاد بن بشـر - رضى الله عنهما - فى نَوْبَةٍ واحدة.

ورأى عبَّاد بن بشر صاحبه "عماراً" مجهداً، فـطلب منه أن ينام أول الليل على أن يقوم هو بالحراسة حتى يأخذ صاحبه من الراحة حظاً يمكنه من استئناف الحراسة بعد أن يصحو، ورأى عبَّاد أن المكان من حوله آمِن، فَلِمَ لا يملأ وقته إذن بالصـلاة، فيذهب بمثوبتها مع مَثُوبَةِ الحراسة؟

وقام عباد بن بشر يصلى، وإذ هو قائم يقرأ فاتحة الكتاب وسورةً من القرآن، أصاب عَضُدَه سهم، فنزعه واستمر فى صلاته، ثم رماه المهاجم فى ظلام الليل بسهم ثان نزعه وأنهى تلاوته ثم ركع وسجد، وكانت قُواه قد بدَّدها الإعيـاء والألم، فـمدَّ يمينه وهو ساجد إلى صاحبه النائم بجواره، وظلَّ يهزُّه حتى استيقظ، ثم قام من سجوده وتلا التشهُّد وأتمَّ صلاته.

وصحا "عمَّار" على كلماته المتهدجة المتعبة تقول له: "قم للحراسة مكانى فقد أصبت"، ووثب "عمَّار" محدثاً ضجة وهرولة أخافت المتسللين، ففرُّوا، ثم التفت إلى عبَّاد وقال له: "سبحـان الله، هَلَّا أيقظتنى أوَّل ما رُميت؟، فـأجابه عبَّاد كنت أتلو فى صلاتى آيات من القرآن ملأت نفسى رَوْعة فلم أحب أن أقطعها، ووالله، لولا أن أضيعَ ثَغْرَاً أمرنى رسول الله بحفظه، لآثرت الموت على أن أقطع تلك الآيـات التى كنت أتلوهـا.

استشهد عباد بن بشر فى موقعة اليمامة فى عهد سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه، بعد أن قاتل ببسالة منقطعة النظير، وفى طريقه إلى المعركة رأى فى منامه كأن السماء قد فتحت له، ثم دخل فيها ثم أطبقت عليّه، وهى بشرى له بالشهادة.

وقد وجد فى جسده جراحات كثيرة حتى أن الصحابة لم يعرفوه، ولم يعرفه إلا صديقه أبو سعيد الخدرى -رضى الله عنه- بعلامة فيه كان يعرفها، وحينئذ كان عباد قد بلغ من العمر خمسًا وأربعين سنة.
تعليقات الفيس بووك

موضوعات متعلقة