الدكتور محمود يونس يكتب .. مقاومة الانسولين

ان نقص الانسولين في الجسم، تماما مثل انعدام التجاوب للانسولين، هو سبب الاصابة بالسكرلدى بعض المرضى. 

و هنالك نوعين من مرضى السكري يقسمون بناء على حالتهم السريرية:
مرضى السكر الحساسون للانسولين، والذين يميلون للاصابة بفرط كيتون الجسم (معروف اليوم، بمرض السكر من النمط الاول).

مرضى السكر غير الحساسين للانسولين، ولا يميلون للاصابة بفرط كيتون الجسم، ويعتبرون اكبر سنا بالمعدل (مرضى السكر من النمط الثاني).

بعض مرضى السكر لا يعانون من نقص في مادة الانسولين، بل ان نسبة الانسولين لديهم تكون في بعض الحالات، اعلى منها لدى غير المصابين بمرض السكر.

هكذا تم التوصل لاثبات علمي غير قابل للشك بان انسجة بعض مرضى السكري لاتستجيب لمادة الانسولين، كما تتجاوب معها انسجة غير المصابين بالسكر.

اعتمادا على هذه الحقائق، بالامكان اليوم، تعريف حالة مقاومة الانسولين على انها حالة، يؤدي فيها تركيز معين من مادة الانسولين الى استجابة بيولوجية اقل من الحد الطبيعي.

يتم انتاج مادة الانسولين في الخلايا المعروفة بالـ "بيتا" في البنكرياس، ومن هناك ينتقل الى مجرى الدم، ومنه الى انسجة الجسم المختلفة. 

ولذلك، فان الكثير من الاحداث قد تؤثر عليه في اي مكان من اماكن تواجده، وتعرقل عمله:
في خلايا "بيتا" يتم في البداية انتاج الانسولين على شكل سلف طليعة الانسولين (Preproinsulin) الذي سرعان ما يتحول الى طليعة الانسولين (Pro insulin)، وتتحول غالبيته الى انسولين (Insulin) وببتيد (CC - Peptide) ايضا.

خلال الفترة القصيرة نسبيا (حتى 10 دقائق) التي يقضيها الانسولين متجولا في مجرى الدم، من الممكن ان يتعرض لضرر من قبل مواد مختلفة:
هورمونات بكميات تفوق مستواها الطبيعي، مثل هورمون النمو (growth hormone)، الريسستين (resistin)، جلوكؤكوريتكويدات (glucocorticosteroids)، كاتيكولامينات (catecholamines)، جلوكاغون (glucagone)، وكذلك هورمون تفرزه المشيمة.

المواد غير الهورمونية، مثل الاحماض الدهنية الحرة التي ترتفع مستوياتها لدى مرضى السكر، خاصة السمان منهم، وكذلك اجسام مضادة للانسولين.

ان اهم وظيفة من وظائف الانسولين هي مساعدة السكر على الانتقال من مجرى الدم، الى داخل الخلايا في الانسجة التي تحتاج له.

تتطلب عملية الانتقال هذه دخول جزيئات السكر عبر المستقبلات (receptors) الموجودة على سطح غشاء الخلية المستقبلة. 

هذه المستقبلات هي عضيات تتالف من ثلاثة اجزاء: جزء موجود خارج الخلية، وجزء يمر عبر غشاء الخلية، وجزء اخير موجود داخل الخلية. 

تتطلب عملية نقل جزيئات السكر من الدم الى داخل الخلية، اداء سليما ومتكاملا من المستقبل، بمختلف اجزائه. ان الخلل بعمل المستقبلات هو احد الاسباب الرئيسية والاكثر شيوعا لظاهرة مقاومة الانسولين، ابتداء من عدد مستقبلات صغير، وانتهاء بنقص المواد والانزيمات الحيوية الضرورية، من اجل اتمام عملية نقل السكر من الدم الى داخل الخلية بشكل صحيح.

يعاني مرضى السكر من النمط الثاني من مقاومة الانسولين، ولعدة سنوات قبل اصابتهم فعليا بالمرض. كذلك يعاني السمان غير المصابين بالسكري من مقاومة الانسولين.

عندما تتطور مقاومة الانسولين ، يبدا الجسم بانتاج كميات كبيرة من الانسولين في محاولة للتغلب على المقاومة. 

تعرف هذه الحالة باسم "فرط الانسولينية" (hyperinsulinemia)، وهي تشكل اساسا لتطور ضغط دم مرتفع، اضطرابات بالدهنيات الذائبة في الدم، ازدياد الوزن والميل لفرط تخثر الدم. بعد سنوات من نجاح الجسم بانتاج كميات كافية من الانسولين للتغلب على مقاومته، تصل خلايا الـ "بيتا" الى حالة من الارهاق، فتبدا كمية الانسولين بالانخفاض، وتبدا بالمقابل، مستويات السكر في الدم بالارتفاع. تعتبر هذه الحالة نقطة بدء مرض السكر.

علاج مقاومة الانسولين

ان اكثر علاج لمقاومة الانسولين، هو انقاص الوزن والقيام بالنشاطات والتمارين الرياضية بشكل تدريجي ومنتظم. كذلك، فان ادوية مثل الجلوكوفاج glucophage - تساهم على عدة اصعدة بتخفيف حدة مقاومة الانسولين.


تعليقات الفيس بووك

موضوعات متعلقة