الدكتور محمود يونس يكتب ... التثدي عند الرجال Gynecomastia

التثدّي هو زيادةٌ حميدةٌ في حجم الثّدي لدى الذكور بشكلٍ ثنائيِّ الجانب غالباً أو أحاديِّ الجانب في حالاتٍ قليلة، وتنتُج هذه الحالةُ عن اضطراباتٍ في مستوياتِ هرمونَي الأستروجين والتستوستيرون لصالح الأستروجين، ما يؤدّي إلى نضجِ وتكاثرِ مكوّناتِ الثّدي الغِدّيّة، ويجبُ تمييزُ هذه الحالة عن التّثدّي  الكاذب الكاذبِ الناتجِ عن زيادةِ النسيجِ الدهنيِّ دونَ تكاثرٍ غِدّيّ، والذي قد يُلاحظ في حالاتِ السمنه.

لا يُعتَبر التّثدّي حالةً مرضيّةً خطيرةً وقد يزول تلقائيّاً، لكنّه قد يسبّب الإحراج في بعض الأحيان كما قد يَظهر الألمُ في الثدي من إحدى الحلمتين أو كليهما (خروج افرزات من الحلمة) وعندها يمكن اللجوء للعلاج الدوائي أو الجراحي.

الأسباب:
يحدث التثدي عند نقصِ نسبة هرمون التستوستيرون مقارنةً مع الأستروجين أي زيادة تأثير الأستروجين المحفِّز على تأثير التستوستيرون المثبِّط، وهذا يُمكن أن يكون ناتجاً عن ارتفاعِ مستوى الأستروجين أو نقصِ مستوى التستوستيرون أو زيادةِ حساسيةِ الثدي للمستويات الطبيعية من الأستروجين أو بعضِ الحالات المرضية التي ينتجُ عنها منعُ ظهور تأثيرات التستوستيرون.

يعتبر كلا الهرمونين (التستوستيرون والأستروجين) مسؤولَين عن الصفات الجنسية لدى الذكور والإناث، حيث يتحكم التستوستيرون في ظهور صفات الذكورة كزيادة حجمِ العضلات وشعرِ الجسم وغيرِها، أما الأستروجين فيتحكّم في الصفات الأنثوية ومنها نموّ الأثداء، ولكن في الواقع فإنّ هرمون الأستروجين ليس حكراً على الإناث فقط بل يُنتجه الذكورُ أيضاً بكمياتٍ قليلة، وتؤدي زيادتُه إلى نموِّ الأثداء عند الذكر.

ينتج الأستروجين عند الذكور بشكلٍ رئيسيٍّ من التحوّل المحيطيّ للأندروجينات (التستوستيرون والأندروستيرون) عن طريق إنزيمِ الأروماتاز، ويحدث هذا بشكلٍ رئيسيٍّ في الجلد والعضلات والنسيج الدهني، كما تساهم الخصيتان بإنتاج نسبةٍ صغيرةٍ من الأستروجين.

إذاً يزداد مستوى الأستروجين نتيجةَ زيادةِ الإنتاج سواءً من التحوّل المحيطيّ أو من الخصيتين:
- من التحول المحيطي: يزداد نتيجةَ زيادةِ الأندروجينات أو زيادةِ نشاط إنزيم الأروماتاز وهذا يُلاحظ في امراض الكبد المزمنة ونقصِ التّغذية وفرطِ نشاط الغده الدرقيه وأورام الغده الكظريه والتثدي الوراثيّ العائلي.

 وتشكّلُ الأدوية سبباً هاماً لظهور التثدي ومنها الستيروئيدات البانية والأندروجينات، الأدويةُ المضادة للقلق، مضاداتُ الاكتئاب ثلاثيةُ الحلقة.

يُمكن للتثدي أن فيسيولوجياً (ليس مرضياً) في الحالات التالية:
التثدي عند الأطفال: يولدُ أكثر من نصف الذكور مع أثداءٍ متضخِّمةٍ نتيجةَ تأثيرِ الأستروجين الأموميّ، ولكن يختفي هذا التضخُّمُ تلقائياً خلال أسبوعين أو ثلاثة بعد الولادة. 

التثدي في سن البلوغ: ويظهرُ نتيجة التغيراتِ الهرمونيّةِ خلال البلوغ، ويُعتبر أمراً شائعاً نسبيّاً، ويختفي تلقائياً خلال أشهر إلى سنتين.

التثدي لدى الذكور البالغين: يشيع التثدي أيضاً بين الأعمار 50-69حيث يُصاب به رجلٌ واحدٌ من بين كلِّ أربعِ رجال من هذه الفئة العمرية. 

لا يتطلب التثدي الفيسيولوجيُّ فحوصات إضافيةٍ وكذلك التثدي غيرُ العَرَضيّ والتثدي في سن البلوغ، ويُعاد تقييمُ الحالة بعد 6أشهر، ولكنْ تُطلب الفحوصات
 الإضافية في حال زيادةِ حجم الثدي أكثر من 5سم
ضخامة الثديينmacromastia)، ظهورِ نتوءٍ متزايد أو لمدّةٍ غيرِ معروفة وتتضمن هذه الفحوصات:
- التستوستيرون الحر والكلّي، وهرمون LH، والاستراديول، والديهايدروابياندروستيرون سلفات.
- مستوى الهرمون المنبِّه للغدة الدرقية ومستوى التيروكسين الحر.

- الماموغرافيMammography (تصوير الثدي الشعاعي): يُجرى عند وجودِ علاماتِ خبيثه، ويُتبَعُ بالبزل بالإبرة والدراسات النسيجية والخَلَويّة.

- تصوير الخصيتين بالأمواج فوق الصوتيةTesticular ultrasonography: ويُجرى في حالةِ ارتفاعِ مستوى الاستراديول في المصل ووجودِ علاماتٍ سريريةٍ دالّةٍ على احتمالِ وجودِ ورمٍ في الخصيتين.
- تصوير الثدي بالأمواج فوق الصوتيةBreast ultrasonography.

- التصوير المقطعي المحوسبCT: وهو ما يُستخدَم غالباً.

كما ذكرنا فإن التّثدي الفيسيولوجي لا يدعو إلى القلق ولا يتطلّب علاجاً، ويتراجع التثدي خلال البلوغِ عفوياً خلال عدة أسابيع حتى ثلاثِ سنوات ولكنّ الضخاماتِ أكثرَ من 4سم قد لا تتراجع كلياً، أما في حالات التثدي المرضيّ فالكشف عن السبب وعلاجُه سيؤدي لتراجعه؛ ويتمُّ اللجوء لعلاجاتٍ دوائيةٍ أو جراحيةٍ ملائمةٍ في حال استمرارِ الحالة. 

ونهايةً لا يجب إهمالُ مثلِ هذه الحالات، ويجبُ مراجعة الطبيب عند ملاحظة أيِّ زيادةٍ في حجم الثدي أو ألمٍ أو نزٍّ من إحدى الحلمتين أو كليهما.
تعليقات الفيس بووك

موضوعات متعلقة