فى يوم من الأيام قرر أب أن يسافر إلى أحد البلاد البعيدة سعياً وراء الرزق الحلال وترك وراءة زوجتة وأولادة الثلاثة، كان أولادة يكنون له الكثير من الحب والإحترام والمودة وكان يصعب عليهم كثيراً فراقة ولذلك طلبوا من والدهم أن يرسل لهم يومياً رسالة لكي يظلوا دوماً علي تواصل، وبالفعل بعد أن سافر الأب بعدة أيام بدأ الأب فى إرسال أول رسالة لزوجتة وأبناءة، فرح الأبناء كثيراً برسالة والدهم وأخذوا يقبلونها وفى داخلهم شوق عظيم إلى والدهم، ولكن لم يحاول أي منهم فتح الرسالة وقراءتها، لكنهم فقط إكتفوا بتقبيلها ووضعها فى صندوق رائع والإحتفاظ بها فى مكتبة المنزل الكبيرة، وكان الأبناء كل يوم ينظرون إليها ويمسحون التراب من عليها ويعيدونها فى مكانها من جديد دون قراءتها ، وهم يرددون أن أبوهم هو أغلي وأجمل أب فى الوجود .
وهكذا تعامل الأبناء مع كافة رسائل الأب الأخري التى أرسلها لهم علي مدار سنوات عديدة، يقبلون الرسائل ويحتفظون بها فى صندوق غالي ويكتفون بتنظيفها ومسح التراب من عليها بشكل يومي دون محاولة قراءتها أو التعرف علي ما بداخلها، مضت السنوات وعاد الأب من السفر ليجد أسرتة لم يتبقي منها سوي إبناً واحداً فقط، إندهش الأب من حال الأسرة وسأل أبنة : أين أمك ؟ فقال الأبن : لقد أصابها مرض خطير ولم يكن لدينا ما يكفي من المال للإنفاق علي علاجها فظلت تعاني من المرض حتى توفاها الله عز وجل، تعجب الأب من كلام الأبن وسألة لماذا لم تعطوها من المال الكثير الذي قمت بإرسالة لكم فى أول رسالة ؟ ردد الإبن : لم نراه ولم نفتح الرسالة .
سألة الأب : أين أخوك ؟ رد الإبن : لقد تعرف علي بعض رفاق السوء ولم يجد من ينصحة خاصة بعد وفاة أمي فذهب معه ولم يعد من يومها، إندهش الأب قائلا : لماذا فعل هذا وأنا قد نصحتة كثيراً أن يبتعد عن رفاق السوء فى رسائلي، ألم تقرأوا الرسائل أبداً، رد الإبن فى خجل : لا، حزن الرجل كثيراً وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله، وأين أختك ؟ رد الإبن : لقد تزوجت ذلك الشاب الذى حدثتك عنه من قبل وهي الآن تعاني معه مرار العيش وفى أشد التعاسة، إنفجر الأب صارخاً وقال : ولماذا تزوجتة ؟ ألم تقرأ هي الأخري رسالتى التى نصحتها فيها بألا تتزوج هذا الشاب وأن تنتظر من يخاف الله عز وجل وترضي دينة وخلقة ؟ نظر الإبن إلى الأرض فى خجل وقال : لم نقرأ الرسائل يا أبي بل قمنا بوضعها فى هذا الصندوق، كنا دوماً نقبلها ونمجدها ولكننا لم نحاول أبداً قراءتها ومعرفة محتواها .
إنظر لحال تلك الأسرة وما حدث لها وكيف تشتت شملها، كل هذا بسبب أنها لم تكلف نفسها يوماً أن تحاول قراءة رسائل والدها ومعرفة فحواها، إنما إكتفت فقط بتمجيدها ووضعها فى صندوق غالي وتنظيفها من التراب يومياً .
كما منا تعامل مع رسائل الله عز وجل لنا مثلما تعامل الأبناء مع رسائل والدهم، ولله المثل الأعلي، نحن ننظر كل يوم إلى المصاحف، نكتفي بتمجيدها وتقبيلها ووضعها فى علبة غالية ونمسح عليها التراب كل يوم، ولكن من منا يحاول قراءتها وتدبرها والعمل بها ؟!
قال رسول الله صلي الله علية وسلم :” إن قومي إتخذوا هذا القرآن مهجوراً ” .. عسي تكون هذة القصة النقطة الفاصلة فى حياتنا والتي نبدأ من بعدها فى تدبر معاني القرآن الكريم العظيمة والعمل بها والمواظبة علي قراءتة يومياً