قام موزع مستلزمات طبية يدعى هاني طه واثنان من أطباء العظام، بالنصب على 90 شخصًا دفعة واحدة بمحافظة كفر الشيخ، في أكثر من 150 مليون جنيه، مقابل تشغيل تلك الأموال في مشروعات مراكز أجهزة طبية في المدن الجديدة.

لم تكن واقعة غريبة، أو هى الأولى من نوعها، فوقائع "المستريح" كثيرة، لكن فى تلك الواقعة تحديدًا فإن المتهمين فيها هم أشخاص من المفترض أنهم نالوا قسطًا من العلم جعلهم يعرفون الحلال من الحرام، لكن ولأن شهوة المال قاتلة، وحب الغنى السريع أخاذ، أخذهم جميعًا إلى المكان الذي لا عودة منه.

قبل أقل من سنة، عرف أهالي محافظة كفر الشيخ موزع مستلزمات طبية، كان حديث الناس بقدرته على توظيف الأموال وأنه – على حد قولهم – مؤتمن ولا يخشى جانبه، لكن ولأن أهم ما فى عدة النصب في البداية هي السمعة الحسنة، فكان صاحبنا "هاني طه" هو خير مثال على ذلك، سمعته لا تشوبها شائبة، وما من أحد أعطاه مالا إلا ورده إليه بفوائده، وهو ما جعل الإقبال عليه أكثر من أي وقت ماضي.

وبدأ يلوح في الأفق مشروع يسعى "هاني طه" لاتمامه، ألا وهو إنشاء مركز للأجهزة الطبية في المدن الجديدة، والتى منها – على حسب زعمه– ربح وفير ومكسب مضمون، وخسارته بعيدة تمامًا وتكاد تكون منعدمة.

وبدأ يستخدم طبيبي عظام في الترويج لمشروعه، وهما من الأطباء المعروفين في نطاق المحافظة، منها أنهما خير من يمثلا مشروعه، ويتحدثان باسمه، ومنها كسب اطمئنان الناس كي تدفع له الأموال، وبالفعل ضمن هذا بمجرد الشروع في مشروعه.

وكان المتحدثان باسم مشروعه هما الطبيبان "محمد زكريا" و"ليد عمارة"، وهما المكلفان باستلام الأموال من الناس باسم المشروع، وهما المنوط بهما متابعة كل تلك الإجراءات التي اتفق ثلاثتهم على اتباعها، وعلى هذا الحال استمر الوضع شهورا، حتى انتهوا جميعًا من جمع أكثر من 150 مليون جنيه مصرى مرة واحدة.

لم يكن الأمر يحوطه أي شائبة، ولم يكن يتخيل أحد أن فى الأمرعملية نصب، إلا أنه قبل ثلاثة أشهر من الآن، فوجئ "هاني طه" بتقديم 30 شخصًا من الضحايا بلاغات ضده في قسم أول شرطة كفر الشيخ يتهمونه فيها بالنصب عليهم وأخذ أموالهم بحجة توظيفها لهم، ومن هنا بدأت خيوط اللعبة تنكشف شيئًا فشيئًا

بعد القبض على "هاني طه" على إثر البلاغات المقدمة ضده، بدأ الضحايا الآخرون ممن تعاملوا مع الأطباء بطريقة مباشرة يشكون حيال ذلك، وتوافدوا بكثرة على الأماكن التى دفعوا فيها الأموال، فوجدوها مغلقة، فبحثوا عن عيادات الأطباء، فكانت هي الأخرى مغلقة، وعلى هذا الحال استمر الوضع اسبوعا بحثًا عن الطبيبين لكن دون فائدة، وكأن الأرض قد انشقت وابتلعتهم.

وعليه توجه 90 شخصًا دفعة واحدة إلى قسم الشرطة، يقدمون بلاغات في الأطباء، وكلها ضد الطبيبين "وليد عمارة" و "محمد زكريا" ومن هنا بدأ الوضع يزداد سوءًا، وظهرت عملية نصب كبرى، وصل المبلغ فيها إلى أكثر من 150 مليون جنيه، وعدد البلاغات إلى أكثر من 90 بلاغًا، والمتهم الأول مقبوض عليه قبل ثلاثة أشهر، ومن هذه القضية تفرعت قضية أخرى المتهم فيها طبيبا العظام وكلهم مشتركين فى الواقعة.

وعليه بدأت الأجهزة الأمنية بالتحرى حول الواقعة، وحول المتهمين فيها، وبالفعل في أقل من 24 ساعة نجحت قوات الأمن فى القبض عليهم، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 4131 لسنة 2020 إداري قسم أول شرطة كفر الشيخ، وبعرضه على النيابة العامة أمرت بحبس المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيقات.