أثارت قضية اختطاف عارضة الأزياء البريطانية كلوى إيلينج، ومسألة عرضها للبيع على "الشبكة الخفية" التى لا تستطيع الحكومة اختراقها، العديد من الأسئلة حول طبيعة الشبكة، وكيفية عملها.
وبحسب التقارير الصحفية، فإن الشرطة الإيطالية قبضت على أحد أفراد عصابة الموت الأسود التى احتجزت عارضة الأزياء، فى مزرعة نائية لمدة أسبوع، ومن ثم عرضتها للبيع على الشبكة المظلمة مقابل مبلغ 300 ألف يورو، وهو ما أثار فضول العديد من الأشخاص للبحث عن مصطلح "الشبكة المظلمة".
الإنترنت الخفى
ويعبر مصطلح "Hidden Internet" الإنترنت الخفى، أو الشبكة المظلمة، عن الشبكات والمواقع السرية غير القابلة للفهرسة على محركات البحث، إذ لا تجدها إن قمت بالبحث على محرك البحث جوجل ولا تستطيع الوصول إليها إلا بطرق خاصة، فمن المستحيل اختراقه أو تتبع سيرفراته وشبكاته ونطاقاته، فهو عالم خاص كبير غير مشهور، ولا تتم أرشفته فى نتائج بحث جوجل العالمى ولا فى أى موقع محرك بحث آخر.
و"الإنترنت الخفى" هو عبارة عن شبكة تستعمل بروتوكولات غير "http"، لكنها موجودة على الشبكة العامة، ويصعب العثور عليها كما لا يمكن الوصول اليها بالطرق التقليدية كمتصفح"chrome"و "Firefox"، وتأسست بطريقة مغلقة وسرية بين أطراف موثوقة بين بعضها البعض، ومن بين هذه الشبكات: شبكة "Tor" ، وشبكة "I2p" ، وشبكة "Free net".
ويحتوى الإنترنت الخفى على ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺑﻴﻊ ﻭﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ التى تنشط بشدة من خلال هذه النوافذ السرية، وﻣﻮﺍﻗﻊ مختصة بالتزوير والمعاملات الرسمية المزيفة، ومواقع تبادل الكتب والفيديوهات المسروقة، كما كشفت تقارير سابقة أن 15.4% ﻣﻦ ﻣﺤﺘﻮاه ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ، و9 % يتعلق باﻠﻤﺘﺎﺟﺮ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻴﻪ، و6.2% يتعلق بتبادل ﻭﻣُﻘﺎﻳﻀﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ الإﻓﺘﺮاضية Bit Coin، وهى العملة التى تستخدم فى المعاملات على الشبكة المظلمة.
وينقسم الإنترنت الخفى إلى قسمين هما: الإنترنت المظلم، والانترنت العميق، أما الأول "Dark Web" أو الإنترنت المظلم فتوجد عليه البيانات السرية لأجهزة الاستخبارات، وأجهزة الشرطة، إذ يحتفظ بمعلومات كثيرة كسجلات الأمن والجرائم والخطط العسكرية، وفيه أيضًا معلومات الشركات الخاصة والشبكات المغلقة غير القابلة للأرشفة على محركات البحث العامة.
وأما الثانى "Deep web" أو الإنترنت العميق، فيشكل النسبة والحجم الأكبر بالنسبة للإنترنت ككل، وهو ﻋﺎﻟﻢ ﻻ ﻳﺨﻀﻊ ﻷى ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺘﻌﺬﺭ تعقبه من قبل ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ، أو ﺗﻌﻘﺐ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﻴﻪ، ﻓﺘﻌﻘﺐ ﻣﻮﺍﻗﻊ الإنترنت المظلم ﻭﻣﺴﺘﻌﻤﻠﻴﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﺤﻴﻼً ﺇﺫﺍ ﺗﻢ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻪ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ.
ونظرا لأن هذا العالم ﻻ ﻳﺨﻀﻊ ﻷى ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻟﺘﻌﺬﺭ وصول ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ اليه واستحالة ﺗﻌﻘﺒﻪ أو ﺗﻌﻘﺐ مستخدميه إذا استعملوه بطريقة صحيحة، ﻓﻬﻮ ﻳﺴﺘخدم ﻛﺴﻮﻕ ﺳﻮﺩﺍﺀ وكمكان ﻟﺘﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﻋﺔ التى ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، مثل ﺗﻌﻠﻢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻔﺠﺮﺍﺕ، وكذلك ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، ويستخدم فى ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻕ وتبادل ﺍﻟﺒﺮﻣﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﻋﺔ كالفيروسات واﻟﺜﻐﺮﺍﺕ والتطبيقات الخبيثة.
جرائم الإنترنت المظلم
وتشير العديد من التقارير إلى أن أغلب تجارة المخدرات اليوم تتم عبر الإنترنت المظلم، وأشهر موقع كان يقوم بهذا هو موقع"Silk Road " الذى قبضت الشرطة الأمريكية على القائمين عليه عام 2013 وقدرت أرباحهم آخر سنتين بمبلغ 1.2 مليار دولار.
وهناك قتلة مأجورون، يعملون بإرسال صورة الضحية إلى القاتل والاتفاق على سعر معين، وبعد إرسال صورة الضحية مقتولًا يتسلم نقوده من مشترى هذه الخدمة، هذا فضلا عن استئجار مخترقى حسابات البنوك والحسابات الشخصية، أو حتى إن أردت سرقة شىء ثمين، فهناك لصوص محترفون يتقاضون أجرًا مقابل عمليات السطو، كما أن هناك مواقع خاصة لبيع المسروقات على الإنترنت.
الاتجار بالبشر
بحسب دراسة أجرتها جامعة بورتموث البريطانية عام 2004، فإن أكثر المحتويات تدوالًا على شبكة Tor هو تجارة الأطفال، يليها الأسواق السوداء التى تبيع المخدرات والأسلحة بأنواعها، وحتى الاتّجار بالبشر وبالأعضاء البشرية، ولجودة الخدمة فى السوق السوداء هناك ميزة التقييمات، إذ يُقيَّمُ كل بائع من قبل العملاء، لزيادة الثقة بينه وبين العملاء الجدد، كل هذا فضلا عن تزوير الأوراق الرسمية كالهويات وجوازات السفر.
وأكدت دراسة أخرى أجرتها جامعة "كينجز كوليج" البريطانية العام الجارى، هذه المعلومات وأن معظم استخدام شبكة Tor وشبكة onion، تتبادل محتوى غير شرعى، وتقبل هذه الشبكات على شراء أطفال الشوارع واستخدامهم بالتجارب العلمية، حيث يضعون معلوماتهم فى قوائم للمهتمين بالقيام بتجارب كهذه، على سيرة القوائم، هذا فضلا عن أن هناك مواقع خاصة للاتجار بالبشر وبالنساء خاصة، ترسل قوائم بكل المواصفات التى يطلبها العميل ليختار كما يشاء، الأهم من كل ذلك أن سوق الأطفال على الإنترنت المظلم، وهو الأكثر انتشارًا، وقد تذهب الأمور أبعد من ذلك، فهناك موقع مخصص لمشاركة تجارب تناول لحوم البشر، حيث يُعلق الأشخاص ويكتبون عن تجاربهم بـ"أكل لحم البشر" لأول مرة.
الشيطان الحزين
هى لعبة غير تقليدية، قد تصلك عبر رابط مجهول على صندوق بريدك الإلكترونى، كدعوة لتجربتها بتصنيفها كلعبة مرعبة آتية من الجانب المظلم فى الإنترنت، وهذه اللعبة ليس لها بداية وليس لها نهاية، وفكرتها هى أن تدخل من غرفة إلى غرفة ضمن متاهة كبيرة بدون أى سبب، قد يغلق عليك الباب فجأة وتسمع أصواتًا لأطفال يصرخون ويضحكون أو يبكون، ترى أحدهم وتحمله وقد يختفى فجـأة من بين يديك لتتفاجأ بعشرات النسخ من هذا الطفل فى الغرفة المجاورة.
ويعد الهدف الأساسى من هذه اللعبة الغريبة هو أن مصممها يرغب بجعل اللاعب يشعر بمستخدم الإنترنت المظلم، وكيف أن تجارة الجنس والأطفال منتشرة بكثرة، وأن لا سلطة أو رقابة على هذه الأعمال غير المشروعة.
احم نفسك من الإنترنت الأسود
بالطبع من الأفضل تجنب الدخول إلى شبكة الإنترنت الخفى، فهى فى النهاية ليست إلا ساحة للمجرمين، وقد بدأت الأنظار الأمنية فى العالم تتجه إليها بشدة فى السنوات الأخيرة مع اتساع نطاق خطورتها، والدخول إلى هذه الشبكة ليس بالأمر اليسير، فهناك إجراءات معقدة لذلك، لا يمكن دخولها مثلا عبر أى متصفح عادى، فلا إمكانية لهذا إلا هذا إذا كنت متصلًا عبر برنامج Tor لإخفاء الهوية، لذلك مدى الأمان هنا ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻚ وعلى سبب استخدامك له، ومن المفضل اتباع بعض النصائح العامة إن أردت المخاطرة واستكشاف الإنترنت المظلم فهناك مواقع بمجرد دخولك عليها تقوم باختراق جهازك وبالوصول إلى ملفاتك وحساباتك الشخصية مباشرة،، فعليك أن تتجنب إﻋﻄﺎﺀ ﺃى ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ لأى أحد على الإنترنت، وﺗﺠﻨﺐ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘى ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ فى الإنترنت ﺍﻟﺬى ﻧﻌﺮﻓﻪ، وﻻ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺑﺮﻳﺪﻙ ﺍلإﻟﻜﺘﺮﻭنى ﺍﻟﺨﺎﺹ، وﻻ ﺗﻔﺘﺢ مطلقا ﺃى ﻣﻠﻒ ﻗﻤﺖ ﺑﺘﺤﻤﻴﻠﻪ من الإنترنت المظلم فى ﺟﻬﺎﺯ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎلإنترنت، وﻳﻔﻀﻞ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺟﻬﺎﺯ وهمى ﻣﻔﺼﻮﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺒﻜﺔ للقيام بذلك.