تتميز النباتات الطبية والعطرية المصرية بأنها من أجود الأنواع عالمياً نتيجة النظام البيئى المميز، والذى يقف من خلفه داعماً اهتمام مشهود من قبل المصريين منذ آلاف السنين اعترافاً بأهميتها وتقديراً لوظائفها واستخدامها كدواء وغذاء وشراب، ولقد انتشرت بشدة فى مصر والوطن العربى صناعات تجفيف النباتات الطبية والعطرية وتصديرها إلى دول الغرب واستعداد السوق الأوروبية والأمريكية لتداولها.
ولقد تناولت العديد من الأبحاث والدراسات فوائد عملية التجفيف، ومنها أن التجفيف يضمن بقاء المنتج أطول فترة ممكنة للاستهلاك بمعنى أنه يضمن استمرارية المنتج طوال العام ولأعوام طويلة حيث تصل مدة صلاحية بعض المنتجات المجففة إلى 5 أعوام.
مساحة التخزين
كما أن التجفيف يعمل على تقليل مساحة التخزين للمنتجات حيث إن أغلب المنتجات المجففة تكون نسبة تجفيفها 1 كيلو جاف لكل 10 كيلو خام، أى أنه بدلاً من تخزين كمية خام 10 طن يتم تخزين 1 طن مجفف، مما يعمل على توفير مساحات كبيرة بالمخازن، ويعمل التجفيف على تقليل تكلفة التصدير بتقليل الكمية المصدرة كما هو الحال بالنسبة للتخزين.
إن المادة الفعالة فى المنتج الجاف أكبر بكثير عنه فى الخام حيث يعمل التجفيف على تركيز المادة الفعالة بالمنتج بالتخلص من الماء الزائد الذى تحل محله مادة جافة تحتوى على نسبة أعلى من المادة الفعالة، ويساعد التجفيف على تقليل المحتوى الميكروبى للمادة المجففة نظراً لقلة المحتوى الرطوبى وتعرض المادة المجففة لمعاملات حرارية كافية لقتل أو تثبيط العديد من الميكروبات، بالإضافة إلى سهولة استخدام وتداول المنتج المجفف فى الأماكن التى لا تلائم ظروفها الجوية زراعة هذه المنتجات مع المحافظة على القيمة الغذائية لهذه النباتات.
خطوات هامة
وفى هذا السياق تقول الدكتورة فردوس منيسى الأستاذ بكلية الزراعة بجامعة كفرالشيخ، أن عملية تجفيف النباتات الطبية والعطرية تسبقها عدة خطوات هامة منها جمعها فى الميعاد المناسب للجمع تبعاً للعضو النباتى الموجود به المادة الفعالة فقد يكون العقار أوراقاً أو أزهاراً أو بذوراً، وكل حالة لها الوقت المناسب لجمعها حتى تكون المادة الفعالة فى أعلى تركيز.
ويلى تلك المرحلة عملية التنظيف والغربلة بمعنى التخلص من المواد الغريبة أو البقايا النباتية وحبيبات الطين والرمل والحصى وخاصة العالقة بالجزء النباتى بغرض الحصول على العقار فى حالة نقية ونظيفة متميزاً بصفات عالية الجودة والمظهر فمثلاً فى حالة الأوراق المقطوفة مثل النعناع والريحان وحصى اللبان فيجب إزالة الأجزاء غير المرغوب فيها قبل تجفيفها، كما يجب إزالة عوالق التربة من الجذور أو الأجزاء الأرضية أو تقطع أجزاء الجذور غير المرغوبة أو تقشيرها لإكسابها المظهر الخارجى ذى الصفات الجيدة، بينما فى حالة البذور يجب غربلتها بغرابيل خاصة للتخلص من البقايا النباتية والغريبة والحصى والطين والبذور غير الناضجة أو بذور الحشائش.
بعد عمليات النظافة والغربلة تبدأ عملية التجفيف للتخلص من الرطوبة الكلية الموجودة فى أنسجتها والغرض من التجفيف الحفاظ على المواد الفعالة أثناء تخزينها دون أن تتأثر بالعوامل الجوية أو التخزين السيئ أو أن تتأثر بالتفاعلات الداخلية نتيجة النشاط الإنزيمى فى الأنسجة النباتية أو تتعرض للإصابة بالحشرات ونمو الفطريات نتيجة الرطوبة المرتفعة فيها كما يعمل على تسهيل عملية النقل والتصدير لتخفيف الوزن وقلة الحجم.
عدة طرق
وتوجد عدة طرق للتجفيف منها التجفيف الطبيعى ويتم باستخدام التهوية وحرارة الجو العادية ويتم إما بتعريض النبات لأشعة الشمس المباشرة أو فى مكان ظليل.
ويتم التجفيف فى الشمس فى حالة النباتات التى لا تتأثر تأثراً سيئاً بالتعرض المباشر لأشعة الشمس أما التجفيف فى الظل فيتبع عندما يراد الاحتفاظ باللون الطبيعى للنبات كالإبقاء على اللون الأخضر بأوراق النعناع وحصى البان والزهور أو اللون الأبيض فى الأزهار الشعاعية لثورات البابونج وعدم تحولها إلى اللون البنى.
كما يجرى تجفيف الظل للمحافظة على المادة الفعالة وعدم الإضرار بها فى حالة النباتات التى تتأثر بالتعرض لأشعة الشمس المباشر بمعنى كل النباتات المحتوية على الزيوت العطرية.
ليست بلاستيك
ويتم التجفيف فى الظل أو الشمس فى مناشر أرضيتها مرصوفة وعلى مفارش من الحصر أو البروبالين وليست بلاستيك.. ويجب حماية العقار من الرطوبة حتى لا يتعفن لذا يغطى أثناء الليل بمفارش للوقاية من الندى وحماية العقار فى فترات سقوط الأمطار ومن فعل الرياح والأتربة.
وتستمر عملية التجفيف الهوائية أسبوعاً أو أكثر حتى يتم الجفاف ويحتفظ العشب باللون الأخضر الواعى ورائحته الطبيعية المميزة وأكثر مميزات التجفيف الطبيعى انخفاض التكلفة من الناحية الاقتصادية وبالتالى انخفاض سعر المنتج.
نظام معلق
والطريقة الثانية التى تستخدم لتجفيف النباتات الطبية والعطرية وفيها توضع النباتات فى نظام مغلق ويدفع عليه الهواء الساخن ومعدل التحكم فى الهواء الساخن يختلف تبعاً لنوع التجفيف المطلوب ويستغرق هذا التجفيف عدة ساعات أو عدة أيام متوقفاً على نوع النبات والهواء الساخن المدفوع وهذا يتناسب مع تأثير التجفيف على النبات والناحية الاقتصادية.
وتطبيق هذا الأسلوب يتميز بأن له سرعة عالية وتقريباً كل شئ يمكن تجفيفه وبجودة عالية ويمكن تجفيف من 8 إلى 14 طناً من النباتات الطبية والعطرية الخام فى 24 ساعة فقط وتعتبر هذه الطريقة أفضل من الطريقة السابقة أما عيوب هذه الطريقة فتشير إلى التكلفة العالية واستهلاك طاقة كبيرة ودرجة حرارة التسخين تتراوح بين 40 - 60 درجة للهواء الساخن.
التجفيف بالتجميد
أما الطريقة الثالثة فى عملية تجفيف النباتات الطبية والعطرية وهى التجفيف بالتجميد وفيه يتم تجميد الماء داخل الخلايا على درجة حرارة من - 30 وحتى - 80 ثم يلى ذلك مباشرة تفريغ الهواء فيتسامى الجليد ويتحول إلى بخار ماء يتكثف على جدران الجهاز دون المرور بالحالة السائلة وهى ذات تكلفة عالية فاقتصر استعمالها على حفظ السلالات النباتية والمضادات الحيوية والنباتات التى تعطى مركبات حساسة مثل الفيتامينات والهرمونات والتى يمكن أن تفقد بتأثير درجة الحرارة، وبالتالى تستعمل فى المنتجات النباتية غالية الثمن.
أما الطريقة الرابعة فى عملية التجفيف هى التجفيف بالميكروويف حيث يتزايد استخدام طاقة الميكروويف سنة بعد أخرى حيث تتحول طاقته إلى طاقة حرارية ونظام كبائن التجفيف يعتمد على هذه الطاقة الحرارية ويقلل هذا النظام من وقت التجفيف بدون أن يؤثر على نوعية المادة الفعالة.
تتطاير زيوتها
وأضافت منيسى أنه عموماً النباتات التى بها زيوت عطرية يجب أن تجفف على درجة حرارة لا تتجاوز 40 درجة حتى لا تتطاير زيوتها العطرية بارتفاع درجة الحرارة وأن التجفيف من العمليات الهامة جداً فى تحويل الأجزاء الطازجة إلى عقار جاف، وإذا كان التجفيف مناسباً فيحتفظ العقار بمعظم مكونات الفعالة واللون الأصلى للنبات.
أما عن الموقف المحلى للنباتات الطبية والعطرية فتقول الدكتورة فردوس منيسى أن الفترة الحالية تشهد اهتماماً كبيراً من قبل كل الأطراف ذات العلاقة بإنتاج وتسويق النباتات الطبية والعطرية وهناك اتفاق بين كل الأطراف الداخلة فى نشاطى الإنتاج والتسويق لتلك النباتات مع ضرورة استكمال الدراسات البيئية الشاملة وتطبيق نظام المعلومات الجغرافية المتكامل الذى تتبناه عدة أجهزة حكومية بغرض تحديث نظم الزراعة الحالية وإتاحة المزيد من البيانات الدقيقة للمستثمر الوطنى والأجنبى بشكل عام وفى نطاق زراعة وإنتاج وتسويق وتصنيع وتصدير النباتات الطبية والعطرية على نحو خاص.
خمسة محاور
واقترحت الدكتورة فردوس منيسى الأستاذ بكلية الزراعة بجامعة كفرالشيخ، عدة اقتراحات لتنمية الصادرات من النباتات الطبية والعطرية، وأوضحت وجود خمسة محاور رئيسية لذلك.. المحور الأول فيتعلق بمقترحات للقضاء على مشاكل الإنتاج:
• تشجيع جهات ومراكز البحث والقطاع الخاص للعمل على تحسين الأصناف المحلية واستيراد أصناف جديدة وزراعتها بدلاً من الأصناف المتدهورة.
• تبسيط وتسهيل إجراءات استيراد التقاوى والشتلات والعينات التى تأتى للمصدرين من الخارج.
• تكوين لجنة علمية تشرف على البحوث وتطبيقها عملياً مع مد المنتجين والمصدرين بهذه البيانات والأبحاث وطرق الإشراف الفنى والمعاملات الزراعية وبصفة خاصة دعم دور المعمل المركزى للزراعات العضوية فى مجال الأبحاث للقيام بدور فعال فى هذا المجال.
• تخصيص أراضى بمساحات مناسبة فى المشروعات الكبرى (توشكى – شرق العوينات – سيناء – المليون ونصف المليون فدان) بزراعة الأصناف الملائمة طبقاً لمناخ وطبيعة الأراضى فى كل منطقة من هذه النباتات بصورة مجمعة كثيفة مع استخدام الميكنة الزراعية وطرق الزراعة الحديثة.
• تشجيع قيام جمعيات زراعية متخصصة لزراعة النباتات العطرية.
• توفير قاعدة بيانات دقيقة عن المساحات والأصناف والإنتاج للنباتات العطرية على المستوى القومى.
• ترشيد استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية.
• تطوير معلومات جهاز الإرشاد الزراعى طبقاً للمتغيرات العلمية ورفع الوعى لدى المرشدين الزراعيين.
• إرشاد المنتجين لضرورة استخدام الكمبوست (السماد العضوى) بدلاً من الأسمدة الكيماوية وإعطائهم قائمة بالمبيدات الكيماوية الممنوع تداولها واستخدامها.
أما المحور الثانى فهو المقترحات الخاصة بالقضاء على مشكلات التصنيع:
• الإرشاد بالطرق الحديثة للجمع والتجفيف وتشجيع استيراد واستخدام المعدات اللازمة لذلك.
• إلغاء الرسوم والضرائب على استيراد الآلات الخاصة بالجمع أو التجفيف والغربلة والتجهيز والتعبئة اللازمة لمراحل التصنيع الزراعى.
• توفير التمويل اللازم (بفائدة مخفضة لتطوير الأساليب الحالية للإنتاج والجمع والفرز والتعبئة).
• إقامة محطات حديثة للإعداد والتجهيز والتجفيف والتقطير فى مناطق تمركز الإنتاج الزراعى لتلك النباتات .
• تشجيع المصدرين على استخدام الأساليب الحديثة للإنتاج والجمع والفرز لزيادة القيمة المضافة للنباتات العطرية.
• إقامة بعض الصناعات لرفع وزيادة القيمة المضافة للمنتج الخام مثل : الإنتاج النهائى – إنتاج المستهلك – إنتاج نهائى لمنتجات العطور والتجميل – خلاصات دوائية.
• توصية مصانع الأدوية ومستحضرات التجميل لاستخدام الإنتاج المحلى.
أما المحور الثالث فهو مقترحات للقضاء على مشكلات التبخير والتعقيم إنشاء وحدات تبخير وتعقيم مركزية تستخدم أحدث الأساليب للتخلص من بقايا التلوث البكتيرى والفطريات والحشرات وذلك فى موانىء التصدير الرئيسية ولتكن البداية بميناء الإسكندرية.
والمحور الرابع .. مقترحات للقضاء على مشكلات ارتفاع التكلفة
• نقل الزراعات للأماكن المجمعة الجديدة.
• توفير مستلزمات الإنتاج وإلغاء كل الرسوم والضرائب عليها.
• توفير الميكنة المتخصصة فى كل العمليات الزراعية لزراعة النباتات العطرية.
• إلغاء الضرائب على جميع مراحل إنتاج وتصدير النباتات العطرية.
• إنشاء صندوق لتمويل النشاط التصديرى وذلك مثلاً بفرض رسوم على الواردات لصالح النشاط التصديرى.
• إعفاء النشاط التصديرى من جميع الرسوم والضرائب.
• اقتراح حوافز مميزة للنشاط التصديرى استرشاداً بالنظم المنفذة فى بعض دول العالم(دول شرق آسيا وتركيا ودول المغرب).
• توعية المصدرين بمصادر التمويل المخصص للنشاط التصديرى.
• بحث طرق خفض تكاليف الإجراءات التصديرية.
وأخيراً المحور الخامس ويضم مقترحات للقضاء على مشكلات التسويق.
• إنشاء قاعدة معلومات مركزية عن بيانات النشاط المحلى والخارجى ليسترشد بها المنتجون والمصدرون.
• الاسترشاد بالمواصفات العالمية مثل ( ASTN الأمريكية) لإصدار مواصفات تصديرية تتناسب مع متطلبات الأسواق الخارجية المختلفة.
• إقامة التجهيزات اللازمة لتصدير المنتج الطازج والخلاصات فى مراكز التجميع والشحن.
• الاستفادة من المخلفات النباتية كنواتج الفرز أو متبقيات نواتج التقطير (سماد عضوى – إضافات للأعلاف).
• منح تخفيضات للمصدرين فى تذاكر السفر والمعارض والمؤتمرات.