مر العيد الثاني على "آية" وشقيقها "عمر" دون أب، بعد أن غيبه الموت وبشكل مفاجئ قبل أيام من شهر رمضان الماضي، لتصبح والدتهما هي الأم والأب لهما، صامدة لا تشكو صعوبة الحياة ولا تكف عن العطاء.
رأت الصغيرة في المنام أن والدها يعاتبها لعدم زيارته، فنهضت "آية" من فراشها لتخبر والدتها بما رأته في حلمها، واتفقا على زيارة قبره، وأحضرت الطفلة ورود وصبار لتزين قبر من كان لها السند وجدار الأمان الذي تتوارى خلفه.
وفي اليوم المحدد لزيارة المقابر، لم تكن "آية" تعلم أنها لن تذهب إلى أبيها رفقة والدتها على أقدامها كما خططت، بل جثة هامدة محمولة في نعش على الأعناق لتدفن إلى جواره إلى يوم يبعثون وحينها تسأل قاتلها: بأي ذنب قتلتني؟.
في منطقة العامرية على جانبي طريق "الإسكندرية – القاهرة" الصحراوي، وتحديدًا قرية عرابي، كانت الأمور تسير بوتيرة معتادة يحفظها الجميع، والكل يتوارى في منزله من أشعة الشمس الحارقة، عدا بعض الأطفال الذين خرجوا للشارع من أجل اللعب.
أمتار قليلة تفصل بين منزل أسرة "آية" صاحبة الـ 14 ربيعًا وأسرة جارهما الطفل "مازن" الطالب بالصف السادس الابتدائي، فالمنزلان المتقابلان كلاهما من الطوب الأبيض أحدهما من طابق واحد والثاني من طابقين.
اعتاد "عمر" ذو الـ 10 سنوات، شقيق آية، اللعب مع "مازن" وباقي الأطفال في الشارع أمام منزليهما إلا أن خلافًا نشب بين الأخير وباقي الأطفال ليحضر "خشبة" ويطاردهم، فسارعت الصغيرة لإحضار شقيقها وإدخاله المنزل.
لم تتحمل "آية" وهي تمسك بيد شقيقها الصغير سب جارها والدها المتوفي وطلبت منه عدم الإساءة لهما، وبينما تهم لدخول المنزل عاجلها "مازن" بطعنة في "جانبها" فانحنت من شدة الألم والصدمة فسدد لها طعنة أخرى في الرقبة، لتسقط أرضًا وسط بركة من الدماء.
شق صراخ وعويل والدة "آية" اليتيمة وأقاربها سكون وهدوء القرية الصغيرة الواقعة على أطراف الإسكندرية، الصدمة والحزن والدهشة تعلو الوجوه، الكل لا يصدق، كيف لطفل في المرحلة الابتدائية أن يقتل جارته بهذه الوحشية، وما الذي اقترفته.
وصل البلاغ سريعًا لضباط قسم شرطة العامرية ثان من إدارة شرطة النجدة جاء فيه:" مشاجرة في قرية عرابي بدائرة القسم ووفاة طفلة"، ليتحرك الجميع على الفور إلى موقع الحادث.
انتقل ضباط وحدة مباحث القسم، وتبين من الفحص أن المجني عليها تدعى "آية مؤمن بسيوني شعوط"، 14 عامًا، مقيمة بالقرية المشار إليها، والجاني جارها "مازن عصام" 13 عامًا، طالب بالصف السادس الابتدائي، مقيم بذات القرية.
"أسرة الجاني كانوا يتلقون إعانة شهرية من الجمعية الخيرية التي أشرف عليها"، يقول "عبد العزيز شعوط" عم المجني عليها، متابعًا: "كنا ندرس حالتهم لجمع تبرعات لهم لتكملة بناء منزلهم".
وبدموع لا تتوقف وصوت متقطع من كثرة النحيب، تتذكر والدة آية لحظة صعود روحها إلى بارئها عقب طعنها على يد القاتل قائلة:" ماتت على أيدي مقدرتش أقدم لها أي شيء ولا أعملها حاجة.. راحت لوالدها بالكفن بدل ما تروح له بالورود والصبار".
ألقت قوات الشرطة القبض على الجاني، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة بقسم شرطة العامرية ثان، وقررت النيابة العامة التصريح بدفن الجثة عقب انتهاء الطب الشرعي وسؤال شهود العيان وأسرة المجني عيها، وسرعة طلب تحريات المباحث حول الواقعة.