قصة " عجوز كفر الشيخ " التى قهرت الفقر بابتسامة وحزمة خضار وعلم مصر

رسم الأسى على وجهها ملامح التعب والشقاء وطيبة أهل زمان، وغطت التجاعيد قسمات وجهها وجسدها، ترتدي عباءة قديمة مزرقشة، وطاقية فوق رأسها مرسومة كرسمة علم مـصـر، لكن ألوان باهتة من كثرة تعرضها للشمس الحارقة، تسكن في بيـت أسقفه من ركائز الخشب، وجدرانه دون ألوان، أغرقته مياه الأمطار المتسربة عبر شقوق حيطانه البسيطة .


الحاجة «مالية عبد الخالق أبو صالح»، امرأة عجوز تبلغ من العمر 85 عامًا، تعيش بمفردها عقب موت زوجها منذ 15عامًا، وتزرع الخـضـروَاتُ فوق سطع منزلها وسط "قش الأرز" وتبيعه كي تُنفق على نفسها، تقضي أوقاتها بين زراعاتها وبين "علم مـصـر"، بعدما أصرت أن يكون وسط الزراعات فوق المنزل التي تقضى ساعات يومها معهم ما بين الاعتناء بها وريها وحتى بيعها، فالجيران عرفوا مكانها بعدما أصبحت جزءًا من معالم وتكوين قرية فؤاد التابعة لمركز فوه في محافظة كفر الشيخ التى تقسم بيها .


وتقول الحاجة "مالية": "تزوجت من أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، من محمود عيد، ولم تنجب أولادًا وعشت وزوجي الذي كان يعمل فلاحًا في بيـت بسيط ومسقوف بقش الأرز وألواح الأخشاب، والبوص، لكنه تركني وتوفى منذ 15 عامًا، ونشر لي المنزل كي أعيش فيه، ومن وقتها وقمت بوضع تراب "ردم فوق سطح المنزل وأزرع خس وفجل وجرجير، وأبيعه علشان أقدر أصرف على نفسي لأن حالتي على قدها، وحطيت علم مـصـر من سنين وسط الزراعات علشان بحب مـصـر لأني منها وبعشق ترابها وبحب الناس اللي عندهم أمان وإيمان، بقوم من الفجر اطلع خرطوم المياه وأروي الزرع علشان المياه بتقطع بالنهار، وبخد الخضار وبعمله حزم وأبيعه ، الناس كلها عارفاني".


بحرقة ومرارة تضيف "العجوز": بقبض 500 جنيه معاش، وزمان كانوا الناس غلابة وبيشتغلوا بتلاتة وخمسة أبيض وبيشتروا كل حاجة، النهاردة الواحد بيشتغل بـ100جنيه في اليـوم وبيشتري كيلو السمك بـ40جنيها، النهاردة كيلو ونص الطماطم بـ10 جنيها، الفلوس مبقتش تعمل حاجة، اللي عنده أولاد ميعرش يعيشهم ولا يلاقي يأكل، علشان كدة بزرع وبأكل".


وبابتسامة تقهر الفقر وبوقفة شامخة منتصبة، تقف وسط زرعها لعل الأيام تجود عليها بحلوها لتعيش الباقي من عمرها في سعادة: "أنا علطول بروح أحط صوتي في الانتخابات، معايا 3 بطاقات، واحدة ورقية واتنين ذكيتين، واحدة سارية والتانية فُقدت، بروح أدى البطاقة للمستشار وأقوله علمي يبني على فلان، ما أنا مبعرفش الألف من كوز الدرة، بس بسدد عن نفسي نمرة وليا اسم ولو مروحتش هتأذي".


وتتمنى تلك السيدة العجزز، أن يتوفاها الله وهو راضً عنها، كما تتمنى أن تُلتقط لها عدة صور فوتوغرافية، لتكون ذكرى بين الأهالي بعد وفاتها: "عاوزة أموت وربنا راض عني وميحوجنيش لحد لا أنا ولا أمة محمد، كلنا ولاد تسعة وربنا خلقنا درجات، وربنا ينصر مـصـر ويحمي جيشنا، عندي أمل الأوضاع تكون أفضل، ويشفي الولاد اللي بيخدوا كيماوي، بيصعبوا عليا".


المصدر : الوطن 


تعليقات الفيس بووك

موضوعات متعلقة