تعددت الأسر التى تعتمد على الأطفال والفتيات فى مساعدتها للحصول على لقمة العيش، وتجبرهم ظروف الحياة والحاجة على أن يكون الطفل أو الطفلة السند لوالديهم، فمنهم من يعمل بالورش ويطلقون عليهم الأسطى بليه، ومنهم من يعمل فى محال جزارة أو غيرها.
وفى منطقة القنطرة البيضاء، شرق مدينة كفر الشيخ، الأسطى عبير، تحولت لمحط أنظار أهالى المنطقة والمارة يفضلون ركوب التوك التوك معها لتوصيلهم للمكان الذى يرغبونه أو يلجأون لها لتصليح التكاتك، وميكانيكى تروسكلات وموتسكلات، فعبير صاحبة الـ12 عاماً الابنة الكبرى لوالدها ووالدتها بعد أن فقدت أسرتها شقيقها الأكبر صلاح 12 سنة فى حادث.
وتقول عبير سامح عباس، أنها بالصف الأول الإعدادى، وهى الابنة الكبرى لوالديها، بعد وفاة شقيقها الأكبر صلاح فى حادث انقلاب موتوسيكل وكان عمره رحمه الله 12 سنة، ووالدها أجرى عملية جراحية فى قدميه وركب مسامير، فكان لابد أن تساهم فى مساعدة والدها ووالدتها، والحياة تحتاج لتكاتف كل أفراد الأسرة، لتعيش حياة كريمة، ولا نمد أيدينا لأحد.
وأكدت عبير، أنها كانت ترافق والدها وهو يصلح التروسيكلات والتكاتك، وكان معهما شقيقها صلاح، وكان عمرها 6 سنوات، وكان شقيقها يعرفها بعض الأدوات المستخدمة فى إصلاح التوك توك، وعندما وصل عمرها 9 سنوات بدأ يعلمها كيفية تركيب عجلة التوك توك، وإصلاحها، وعندما وصل عمرها 11 سنة تعلمت كيفية إصلاح التوك توك والتروسكل، والموتسكلات، وتجيد قيادة التوك توك والتروسكل والموتسكل.
وأضافت عبير، أنه عندما توفى شقيقها، وجدت والدها يعمل وحده ولا يقوى على العمل للإصابات التى فى قدمه، بالإضافة لعدم امتلاكه ورشة يعمل بها، فكل عمله على باب الله، فقررت مساعدة والدها، وقامت بقيادة التوك توك الذى كان يعمل عليه شقيقها، ولم يعارضها والدها، بل فرح بها، وشعر أن الله بدله بسند آخر بعد وفاة شقيقها.
وأكدت عبير، أنها لا تنسى دراستها فهى بالصف الأول الإعدادى، وتعمل على التوك توك بعد عودتها من المدرسة ويمكن أن تغيب من مدرستها من أجل عيون أسرتها، مشيرة إلى أن العمل غير مرتبط بسن معين، مادام الإنسان يعمل فى عمل شريف ولا يمد يده لأحد أو يرتكب المحرمات، تنظر له الناس بنظرة احترام، والإنسان بمكانته بين الناس بعمله وأخلاقه.
وأشارت عبير، إلى أنها تعامل الزبائن معاملة طيبة وتجد منهم الاحترام، ولم تتعرض لمضايقات لأنهم يعرفون والدها، وفى حالة طلب الزبون أو الزبونة توصيلها لمكان بعيد، تستأذن والدها ويكون متواصل معها، مؤكدة أحيانا يتعطل التوك توك، فتتواصل مع والدها، ليصل لها بالموتسكل، وتساعده فى إصلاح التوك توك، مؤكدة أنها ستواصل تعليمها وتتمنى أن تلتحق بكلية التمريض أو بكلية الطب لتكون طبيبة.
وقال سامح عباس والد عبير، الشهير بـ "بورى" أنه كان يعمل منذ صغره صبى ميكانيكى، فأجاد المهنة، والتحق بالخدمة العسكرية، وبعدها تزوج وأنجب 3 أبناء، ولدين، وبنت، الابن الأكبر صلاح توفى فى حادث موتوسيكل، وعبير، محمد الابن الأصغر 3 سنوات، مشيرا إلى أنه قبل قضاء فترة الخدمة العسكرية تعرض لحادث فى أجازة، فتم تركيب مسامير فى قدمه، ومن يومها وهو يعانى الآلام، وبدأ يمارس مهنته بعد أداء خدمته، بتصليح التروسيكلات والموتسيكلات والتكاتك، وهو لا يملك ورشة، واشترى توك توك منذ أكثر من 6 سنوات، كان يقوده نجله صلاح، وكان دائماً يعلم شقيقته عبير، قيادة التوك التوك، أو إصلاحه وإصلاح التروسيكل والموتسيكل فكان سنده ويعتمد عليه فكان رجلاً برغم صغر سنه.
وأضاف والد عبير، أصبحت عبير سنده، فهى عينه التى يرى بها ويخاف عليها، ولأنه معروف بين أهالى القنطرة، فيعاملها الأهالى معاملة طيبة، بل يعجبون بها وبجدعنتها، مؤكداً أن سبب موافقته على تشغيل عبير لأنها لا يضمن المستقبل فهو رجل على باب الله، ولا يحصل على أى مساعدات من الدولة، ولا معاشات، فلو توفى فلن تستطيع الأسرة توفير لقمة عيشها، فبوجود عبير وكله بإذن الله ستوفر لوالدتها وشقيقها الأصغر ما يحتاجون إليه.
وتابع والد عبير، أنه لابد أن تعتمد على نفسها فعندما تصل السن القانونية للزواج، ستحتاج عبير لـ 200ألف جنيه لزواجها فمن أين يحصل على أموال زواجها، مؤكداً أن زواج البنات فى كفر الشيخ مكلف على والد البنت، فتكليفه يفوق تكاليف الشاب، ولابد أن تتغير تلك النظرة البغيضة، وهناك أمهات غريمات تتعرضن للسجن بسبب عدم سدادها نفقات وجهاز زواج بناتهن.