د. محمد ابو زيد الفقى يكتب : موانع التقوى

د. محمد ابو زيد الفقى د. محمد ابو زيد الفقى

أ . د محمد أبو زيد الفقي

سلسلة قبل الغروب 94
عوامل السقوط
نقصد بعوامل السقوط . الأسباب التى أدت إلى سقوط العالم العربى فى الوقت الحالى، وفنائه بعد ذلك ، ونحاول من خلال تسليط الضوء على هذه العوامل ، إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، أو تأخير وقوع الفناء العربى .أو عودة العالم العربى إلى الحياة ،والتأثير فيها من جديد .

94 – القرآن المهجور  -2
الطمع في رحمة الله تعالي بلا عمل
في البداية لا يمكن لأحد أن يحدد رحمة الله تعالي بالنسبة لغيره ، وهي التي نعيش عليها جميعا ، وهي سر وجودنا وبقائنا ، إلا أننا ونحن نناقش ثمرة شهر رمضان الكريم ، ثمرته المنشودة وهي التقوى ، نتعجب فأغلب المسلمين يصومون بإخلاص ، ويتقون الله تعالي في صيامهم ، هذا مما لا شك فيه ، ولكنهم لا يحصلون علي معامل التقوى ، الذي شُرع رمضان من أجله ، ولهذا أسباب قدمنا منها الطمع في الشفاعة بلا عمل يجعل الإنسان مستحقا لها .

وفي هذا المقال نتحدث عن العامل الثاني ، وهو الطمع في رحمة الله تعالي بلا استحقاق ، و نناقش بعض الآيات القرآنية التي استند عليها بعض الناس ، لجعل الرحمة هي الأساس في العلاقة بين العبد وربه ، بصرف النظر عن عمل العبد وسلوكه ، وهي كما يلي :

الآية الأولى : قوله تعالي : [ 000 وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ َ00] فبعض العلماء والعامة يُجيِّزؤن هذا الجزء من الآية وينامون عليه ، و أصبحت هذه الأية تبريرا لكل مُصرٌ علي المعصية ، وتداخلت سلوكيات الناس ، حتي لا يكاد الباحث المدقق يعرف لها سمات أو ملامح ، أو أطر محددة ، ولو أكمل أدعياء العلم ، و أصحاب المخالفات قراءة الآية كاملة ، لعلموا أن الرحمة هنا مقيدة للغاية ، وشديدة التعقيد ، فالله تعالي يقول : [وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ] فالرحمة في هذه الآية لا تخص إلا المتقين ، والتقوى هي الابتعاد عن الذنب ، وليس الوقوع فيه ، لأنها من الوقاية ، ثم يأتي الشرط الثاني :

[وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ 00] والمال شقيق الروح ، والذي يخرجه يتزكيَّ، بمعني يخرج الزكاة ، ويتطهر من الرجس ، ومن كل الذنوب
والشرط الثالث :

[وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ 00 ] فهذه الشروط الثلاث تجعل الرحمة تكون عن استحقاق ونتيجة توبة خالصة [يَتَّقُونَ] وعمل صالحات [وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ] و إيمان كامل [ هم بآياتنا يؤمنون ] والآيات تعني آيات الوحي في القرآن الكريم ، والآيات الكونية في حركة الكون ، والآيات الإنسانية ، في حركة الإنسان في الظاهر ،
و حركة جسده من الداخل شاملة حركة الخلايا ، وما بين ذرات ، وما بالذرات من أجزاء داخلية [ نيوتونات – إلكترونات ] وهكذا ، فالأمل في هذه الآية بلا عمل وتقوي هو ضرب من الخيال المستحيل 0
الآية الثانية :

أجتمع الناس حول قوله تعالي : [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ] 0 ولعب أدعياء العلم وتجار المُجُون بعقول الناس ، حتي رأينا عجائب من سلوكيات بعض المسلمين ، لدرجة أن راقصة مشهورة لم تتب عن الرقص وملحقاته ، ولكنها كل عام تقيم مائدة الرحمن في رمضان وعليها أشهي المأكولات ، ونُشر تحقيق كبير عن هذا الموضوع في جريدة الوفد عام 2001م وعندما ذهب الصحافي إليها لاستكمال التحقيق قابله مدير أعمالها وقال له : أن هذه السيدة تسافر في رمضان إلي الأراضي الحجازية [ السعودية الآن بعد سرقة الحجاز ] . وتعتكف في البيت الحرام ، طوال شهر رمضان ، ومازالت السيدة ترقص حتي الآن ، وتعتكف في رمضان ، لأنها سمعت من بعض المشايخ : [ أن الحسنات يذهبن السيئات 00] وفهمُوِا الآية خطأ ، و أفهموها ما فهموا .
ولو عدنا إلي الآية : {في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } و رجعنا إلي معظم التفاسير نجد أن هذه الآية وما بعدها لا علاقة لها بالمسلمين البتَّة ، إنما هو باب أمل يفتحه الله تعالي لأصحاب الديانات الأخرى السماوية والوضعية والوثنية ، ويقول للجميع مهما أسرفتم في زمن الكفر فتعالوا إلي واحة الإيمان ، وادخلوا فيها ، ولا تجعلوا ذنوبكم أيام الكفر قيدا في أرجلكم وسدا عاليا يمنعكم من الوصول إلينا .

أ – الآية التالية لهذه الآية ، وهي قوله [00وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ 00] يعني الله تعالي يخاطب أناس غير مسلمين ، وفي الآية الأخيرة من هذه المجموعة يقول :
[بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ]وهذا الكلام
لا يقال لمؤمن أو مسلم 0 ولكي تتضح الصورة سأنقل هذه الآيات كاملة :
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }سورة الزمر الآيات من 61:53

يجب ترك أوهام بعض الناس ، والسير السريع نحو مرضاة الله والاستماع إلي قوله صلي الله عليه وسلم : [ أيها الناس إن لكم نهاية فانتهوا إلي نهايتكم ، وإن لكم معالم فانتهوا إلي معالمكم و ليأخذ العبد من نفسه لنفسه ، و من الشيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الممات ، فوالذى نفسي بيده ، ما بعد الموت من مستعتب وما بعد هذه الدار من دار إلا الجنة أو النار ].
بذنوبنا أعطانا الله جهلا يغنينا عن كل علم
أ . د محمد أبو زيد الفقي
17 رمضان 1436هــ ، 4 يوليو 2015م
الموقع الألكترونى www.mohammedalfeqy.com
Dr. MoHaMMeD Abo ZeeD AlfeQy صفحة الفيس بوك
تعليقات الفيس بووك

موضوعات متعلقة