الدكتورة شيماء سليمان تكتب .. الخطيئة في بيتي

ظاهره مؤسفة تهدد مجتمعنا وتظهره بمظهر غير لائق بدولة إسلاميه ، أهم مايميز هذا المجتمع هو تحلى شعبها بالحياء والتدين والإستقامه .


والغريب أن هذه الظاهرة لم تنتشر عبر فئه معينه فقط وهي فئه الشباب بين سن معينه وهي سن المراهقة التي تندفع فيها التصرفات لتخرج للعالم بشكل غير أخلاقي لكون الأباء منشغلين في أمور الحياه دون مراعاه واجبهم تجاه أبنائهم ومحاولة نصحهم وترسيخ مباديء الدين قبل تركهم في الحياه بلا وعي ديني أو أخلاقي .


وإنما أيضا انتشرت تلك الظاهره بين المحارم وهو ما يسمي 


" زنا المحارم " ولا شك أنها أشد قسوة علي المجتمع لأن المحرم مطلوب منه الحفاظ علي عرض محارمه لا ان يكون هو اول الهاتكين له ولاشك ان هذه الجريمه تهز أوصال المجتمع وتزعزع الثقه الاسريه بين افرادها لأنعدام القيم والأخلاق داخل الأسرة 


فتخرج لنا ضحيه غير سوية نفسيا وقد تسبب في إنجاب طفل يعيش ذليلا بلا هوية يائس حزين يلحقه العار من كل صوب .


ولعل من ضمن الأسباب التي تؤدي إلى إنتشار الخطيئة هي تأخر سن الزواج الذي يسبب نوعا من الحرمان الذي يؤثر في سلوكيات الفرد وتؤدي إلى وجود صراع نفسي بين إرضاء الغريزة وبين الضمير والرواسخ الدينيه ؛ وإذا كان الضمير والدين ضعيفين ، إندفع الشخص في علاقه غير مشروعه .


كذلك من أسباب زنا المحارم الزحام في السكن والاختلاط المضاجع إظهار المرأه لعورتها أمام المحارم . 


لذا فإن الغريزة هنا هيا من أقوي الغرائز التي تسيطر على الإنسان وتوجهه نشاطه إلى حيث لا يدري . 


ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم الي هذه الظاهره " كثرة أولاد الزنا " في زمن لم يكن أحد علي وجه الأرض يتخيل ذلك .


فقد قال : أن من علامات يوم القيامه (يكثر أولاد الزنا حتي إن الرجل ليغشي المرأه علي قارعة الطريق ) . رواه الحاكم والطبراني .


والزنا هو من كبائر الذنوب والمعاصي واقبحها وأرذلها ع لي الإطلاق وقد أمر الله بعدم الاقتراب من مقدماته حتي لا نقع فيه فقال تعالي (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) .


وقال تعالي ( الزانية والزاني فأجلدوا كل واحد منهما مائه جلدة ولا يأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) سوره النور ايه 2 .


والزاني قد يكون محصن أي متزوج ا و غير محصن أي غير متزوج وفرق الشرع في عقوبة كلاهما فجعل عقوبة الزاني المتزوج الرجم وعقوبه الزاني غير المتزوج الجلد ، ووضع للعقوبة شروطا هي إقرار الزاني بالزنا وشهادة أربع شهود ؛ فالإسلام تعامل مع الزنا علي قدر خطورته علي المجتمع فكانت العقوبة مناسبه لخطورته .


فهو فيه مهانه للعبد وخصوصاً المرأه ، وقد جاء في حديث بيعه هند بنت عتبة لرسول الله وكانت منتقبه حياء منه فلما اخبرها ببنود البيعة وجاء علي قول ( ولا يزنين ) فقالت هند بإستنكار بالغ : "أوتزني الحره " ؟! أي أن المرأه الحره تعلم أن جسدها لايمكن التفريط فيه ولا ينبغي كشفه ولا بذله للتمتع به إلا بحق الله . 


تناول قانون العقوبات جريمه الزنا في عده نصوص بدايه من الماده 273 وحتي الماده 276 


ولقد فرق القانون بين الرجل والمرأة في العقوبة وكذلك فرقا بين الرجل والمرأة مكان الجريمه .


فالبنسبه للحاله الاولي


بينما يعاقب الرجل الذي يرتكب الزنا في منزل الزوجية بالحبس مدة لاتزيد عن 6 شهور هو وشريكته ، نجد ان المرأه عقوبتها الحبس مده لا تزيد علي سنتين هي وشريكها .


وبالنسبه للحاله الثانيه .


المرأه المتزوجه تعاقب بالزنا إذا ارتكبته في اي مكان سواء منزل زوجيه او غيره ؛ اما الرجل فيشترط لعقوبه الزنا ان يكون في منزل الزوجيه ولا تقام الا بشكوي من الزوج .


وبمقارنه احكام الزنا في الشربعه بما جاء في القانون يتضح لنا أن القانون قصر التجريم علي المرأه المتزوجة والرجل المتزوج دون غيرهما ولا يعاقب الغير متزوج إلا في حاله كونهم شركاء في الجريمه .


ولا نعلم لماذا هذا الفرق !!!!!!!


ولا شك أن القانون يشوبه العوار في نواح شتي فقد أوقف توقيع عقوبة الزنا علي شكوي من الزوج على زوجته أو شكوي من الزوجه ضد زوجها ؛ بالإضافة إلي أنه لايوجد نص يعاقب علي جريمه تبادل الزوجات بإعتباره زنا بالتراضي والنيابة العامه لاتقيدها بإعتبارها زنا ولكن بإعتبارها أفعال خادشه للحياء وتحريض علي الفسق والدعوه لممارسة الدعارة ومع تلك الإتهامات نجد أنه مع إعترافهم بالزنا لم يتهموا بالزنا لأن الزوج والزوجة راضيين بالجريمة وان العقوبة عن تلك الجريمه طبقا للمادتين 269 و 278 من شهر الى سنه سجن . 


كذلك نري ان زنا المحارم لايوجد نص صريح للعقوبه المشدده فيه ومن الواجب علينا جميغا ان نطالب بتوقيع عقوبه الإعدام عدفي حلبه ارتكاب تلك الجريمه لأن المحرم هو الحامي للعرض فإذا كان هو الباديء بهتكه واذلال ضحيته وتركها للحباه ذليله مهانه وليس من العدل ترك هذا الذئب يعيش حياته بدون عقاب او عقابه عقاب غير متناسب لجريمته بعد ان قطع علي ضحيته كل سبل الحياه الغير ادميه وإذا تركنا الامر هكذا سنجد في يوم ما الخطيئه في منازلنا جميعا فلابد من الرادع .


ونعلم جيدا انه لم يعد خافيا علي الجميع انتشار ظاهرة الزنا وحمل السفاح وكذلك ظاهر التخلص من أطفال الخطيئة عن طريق الإلقاء بهم في القمامة والشوارع ؛ ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن زنا المحارم قد انتشر و لم تعد ظاهره نادره الحدوث ولم نعد نسمع عن إحداها كل بضع سنوات كما كان يحدث في الماضي ؛ وهو مايعد ظاهره تستحق القلق والدراسة والبحث والتحليل ومحاولة التوصل إلى حلول جذرية .


وقد وصفها أستاذ علم النفس الإجتماعي بجامعه القاهره د. محمود غلاب بأنها "سرطان مجتمعي " تتكاثر خلاياه الفاسده وتنتشر ، وأنه تجسيد حقيقي للإضطرابات النفسيه الموحشه التي هاجمت المجتمع .


وأرى أن هذه الظاهرة أكثر انتشارا في الأوساط الفقيره وذلك لإنعدام الموارد الإقتصادية ؛ وسيطرة الجهل وإنعدام الثقافة الدينيه لديهم .


كما أنها تنتشر بين فتيات الليل والقوادين وضحايا الإعتداء الجنسي في الصغر .


ومن الممكن الحد من تلك الظاهره عن طريق تعميم الثقافه الدينيه والأخلاقية وتكاتف منظمات المجتمع المدني وكذلك لمنظمات التربويه من نشر التوعيه الثقافيه وبيان سلبيات اللجوء إلى تلك الطرق الغير شرعية والغير أخلاقية ؛ فلابد ان يكون هناك ترابط بين تلك المنظمات التربويه وبين الاسره فإذا حدث ذلك الترابط بينهم كان إنعكاس الأمر علي شخصيه الطفل أو الشاب انعكاسا إيجابياً لصالح أبنائنا وفتياتنا . 


وخلاصة القول بأن ما أصبحنا عليه سببه الضلال والإبتعاد عن النواهي فما ضل من ضل إلا بمخالفته للأمر وفعله للمنهي عنه ؛ ومتى وجد العبد العنت والمشقة فليعلم انه جاوز الحد .


وبما أن مجتمعاتنا الإسلاميه حد انحدرت بها القيم الدينيه وضلت طريقها فيمكن القول بأن ذلك يرجع إلي إبتعاد المشرع عن أحكام الشرع في عقاب الزاني والزانيه وإنسياقه وراء قوانين قديمه لا تتماشى مع الأحداث والوقائع وليست رادعه بشكل كافي للجاني ؛ وأوكد علي ضرورة توقيع عقوبة الزنا بالرجم أو الجلد كما جاء في كتاب الله هي السبيل الوحيد للخلاص من تلك الظاهره ؛ ويكفينا إننا أصبحنا في مجتمع لا يحترم العلم ولا الدراسات التي تتم ويكتفي بوضعها علي الارفف كديكور فلابد لنا ان نعلم ان غياب العقوبة أو عدم تناسبها يزيد من ارتكابها . 


فالي متي سيظل المشرع مكتوفي الأيدي ينظر الي الحريق الذي يشتعل داخل بيته وكأنه نسمه هواء تمر عليه

تعليقات الفيس بووك

موضوعات متعلقة